الجوع يفتك بغزة.. وفاة أطفال داخل المستشفيات وتحذيرات من انهيار صحي شامل
الجوع يفتك بغزة.. وفاة أطفال داخل المستشفيات وتحذيرات من انهيار صحي شامل
يتصاعد الخطر الإنساني في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، إذ لم تعد الحرب وحدها تفتك بالأرواح، بل بات الجوع يسرق حياة الأطفال والمرضى والطواقم الطبية داخل المستشفيات التي أنهكها الحصار والتجويع.
وفي مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفيات غزة، يتفاقم الوضع يومًا بعد يوم، وسط تحذيرات طبية من كارثة صحية ومجتمعية تهدد الباقين على قيد الحياة، في وقت تواصل فيه المجاعة تفريغ الأجساد من قوتها، وتزهق أرواح من يُفترض أن ينقذهم الدواء والغذاء، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، اليوم الثلاثاء.
وأفاد المدير الطبي لمجمع الشفاء في تصريحات صحفية، بأن نقص الغذاء الحاد بات يشكّل تهديدًا حقيقيًا لحياة المرضى وأفراد الطواقم الطبية على حد سواء.
وأوضح أن الأطباء والممرضين يعانون من الهزال ونوبات دوار حادة، وقد سقط بعضهم أثناء تأدية واجبهم بسبب الإرهاق والجوع، في ظل انعدام الاستراحة والموارد.
وأشار إلى أن الجروح لدى المرضى لا تلتئم بفعل ضعف المناعة الناتج عن سوء التغذية الشديد، مؤكدًا أن ستة مرضى على الأقل لقوا حتفهم خلال الأيام الماضية داخل المستشفى بسبب تداعيات الجوع، وسط عجز تام عن توفير الأغذية الأساسية.
موت الأطفال جوعًا
ووثّقت مصادر طبية مأساة وفاة الطفل عبد الحميد الغلبان (14 عامًا) من مدينة خان يونس، بعد صراع مع الجوع وانعدام الرعاية الصحية.
يأتي ذلك، في وقت أكدت فيه التقارير وفاة الرضيع يوسف محمد الصفدي، البالغ من العمر 40 يومًا فقط، بسبب نقص الحليب وسوء التغذية في شمال القطاع.
ولم تكن هذه الحالات الوحيدة، إذ أُعلن أيضًا عن وفاة طفل رضيع آخر في ذات المنطقة، دون التمكن من تحديد هويته على الفور، وتحوّل الجوع إلى وحشٍ يفترس أطفال غزة، وسط صمت دولي قاتل، وعجز واضح في إيصال الحليب والأدوية والمغذيات إلى المناطق المنكوبة.
مأساة لا تنتهي
في ساعات الفجر الأولى من هذا اليوم، عُثر على أحد قتلى مجزرة مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة وقد فارق الحياة جائعًا، منهكًا من آثار النزوح المستمر وغياب المأوى والغذاء.
ولم يكن هذا المشهد الأول، إذ أصبحت صور الأجساد الهزيلة المنتشرة في الممرات، وتحت الأنقاض، مشهدًا متكررًا يلخص مأساة مجتمع محاصر بالكامل.
وتؤكد التقارير الميدانية أن العديد من النازحين باتوا يلجؤون إلى غلي الأعشاب وأوراق الأشجار لإطعام أطفالهم، فيما يعجز بعضهم عن توفير حتى الماء الصالح للشرب.
تحذيرات من انهيار شامل
تتزامن هذه الوقائع المروّعة مع تحذيرات متكررة من منظمات إنسانية دولية بشأن تفشي المجاعة وانعدام الغذاء في القطاع، في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق، وتقييد إدخال المساعدات الحيوية، وسط انهيار شبه كامل في النظام الصحي.
وحذّرت منظمات مثل برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية من أن غزة تقف على حافة المجاعة الشاملة، مطالبة بتدخل فوري وسريع لضمان إيصال المساعدات دون عراقيل.
وحثت تلك الجهات الأطراف الدولية الفاعلة على فتح الممرات الإنسانية بشكل عاجل وتوفير الحماية للفرق الطبية، التي أصبحت بدورها ضحية لأهوال الحرب والجوع.
لا غذاء ولا دواء ولا أمان
في ظل هذا الواقع القاتم، تزداد المخاوف من انهيار تام للبنية الصحية والإنسانية في القطاع، حيث تعاني المستشفيات من نقص كارثي في الأدوية، وتفتقر مراكز التغذية إلى الحليب العلاجي للأطفال، بينما تُستخدم غرف العمليات كملاجئ للمصابين الجوعى.
ولا تلوح في الأفق أي مؤشرات على تحسن قريب، مع استمرار التصعيد العسكري، وتواصل القيود على المساعدات، ما يجعل كل دقيقة تمرّ بمثابة حكم بالإعدام على من لم يصلهم الغذاء أو الرعاية بعد.